تأجيل لقاء باريس الفجوة تتّسع بين دمشق و«قسد» سوريا الأخبار الجمعة 25 تموز 2025 يبدو أن اتساع فجوة الخلاف بين الطرفين
تأجيل لقاء باريس: الفجوة تتّسع بين دمشق و«قسد»
سوريا
الأخبار
الجمعة 25 تموز 2025
يبدو أن اتساع فجوة الخلاف بين الطرفين حول القضايا الرئيسية، يجعل الاندماج ضمن مفاوضات أو اتفاق أمراً شديد الصعوبة (أ ف ب)
أُرجئ، إلى أجل غير مسمّى، اللقاء الرباعي الذي كان مُقرّراً انعقاده اليوم الجمعة في العاصمة الفرنسية باريس، والذي كان سيجمع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، ونظيره السوري أسعد الشيباني، والقائد العام لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) مظلوم عبدي، بحضور المبعوث الأميركي إلى سوريا، توم برّاك، وسط حديث عن زيارة وشيكة لوفد كردي إلى باريس للقاء الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أو وزير خارجيته. وجاء تأجيل اللقاء في ظلّ أجواء متوتّرة بين الحكومة السورية الانتقالية و«قسد»، مع إطلاق الأخيرة تصريحات تؤكد تمسّكها بالسلاح، وتصرّ على التفاوض «كندٍّ لا كتابع»، إلى جانب تبنّي وفدها لرؤى تتعلّق بمستقبل مكوّنات البلاد، بما يشمل الدروز والمسيحيين والعلويين.
وتعليقاً على ذلك، نقلت قناة «الإخبارية السورية» عن مصدر حكومي أن «الدولة السورية لم ولن تقبل بأي خطاب يقوم على التهديد أو فرض شروط مسبقة تتعارض مع مبدأ وحدة الدولة ومؤسساتها السيادية»، مضيفاً أن «الحوار الوطني الحقيقي لا يكون تحت ضغط السلاح أو عبر استقواء بأي طرف خارجي، بل من خلال التزام كامل بوحدة البلاد ومرجعية الدولة والتمسّك بالمؤسسات الشرعية».
ورأى المصدر أن الحديث عن «رفض تسليم السلاح والتمسّك بتشكيل كتلة عسكرية، هو طرح مرفوض جملةً وتفصيلاً، ويتناقض مع أسس بناء جيش وطني موحّد، ومع أسس الاتفاق الموقّع بين الرئيس الشرع ومظلوم عبدي في آذار الماضي (اتفاق 10 آذار)»، مضيفاً أنه «لا يمكن لأي كيان عسكري خارج المؤسسة العسكرية أن يُعتبر مشروعاً للدولة»، وأن «أيّ محاولة للإبقاء على مظاهر التسلح والانفصال عن مؤسسات الدولة هي مسار يؤدي إلى مزيد من التوتر والانقسام وليس إلى حل وطني شامل».
ولفت المصدر إلى أن «استخدام أحداث السويداء أو الساحل لتبرير رفض الانضواء تحت راية الدولة أو للتشكيك في نواياها، هو أمر مُدان ويعكس محاولات مكشوفة لتأليب الرأي العام وتشويه الحقائق»، مشدّداً على أن «الدولة السورية قامت، رغم كل التحديات، بجهود كبرى لمنع الفتنة وحقن الدماء في السويداء وهي مستمرة في أداء دورها الوطني في كل المحافظات دون تمييز بين مكوّن وآخر». ورأى أن «الطريق الوحيد لتحقيق حلّ سياسي مستدام يكمن في العودة إلى حضن الدولة، وفتح حوار وطني جادّ تحت سقف السيادة السورية ووحدة أراضيها، وبعيداً عن الشروط المُسبقة أو الارتباط بمشاريع خارجية أثبتت فشلها».
وهكذا، يبدو أن حدّة الخلافات بين الطرفين واتساع فجوة الخلاف حول القضايا الرئيسية، يجعلان الاندماج ضمن مفاوضات أو اتفاق أمراً شديد الصعوبة، ويعزّزان الدفع نحو حلول عسكرية. وتجلّت تلك الفجوة بوضوح في تصريحات لرئيسة وفد «الإدارة الذاتية»، فوزة يوسف، أكّدت فيها أن «رؤية الحكومة تقوم على حلّ مؤسسات الإدارة الذاتية وإلغاء طابعها السياسي والخدمي»، موضحةً أن «عدم التزام الحكومة الانتقالية بالاتفاقيات السابقة، خاصة اتفاق 10 آذار، كان نقطة خلاف رئيسية؛ إذ لم تُدرج كل بنوده ضمن مسوّدة الدستور، ما يثير الشكوك حول نوايا الحكومة في التعامل مع الإدارة الذاتية وقواتها العسكرية». وأضافت: «نحن كمكوّنات مستعدون لبناء سوريا تعددية لا مركزية تضمن حقوق جميع الشعوب والطوائف»، مؤكدة «(أننا) إذا لم نحصل على حقوقنا الدستورية فلن نقبل بأي شروط تُفرض علينا».
كما بيّنت أن «الوسطاء الدوليين والحكومة السورية يريدون منّا تقديم تنازلات، لكننا نرفض فرض لغة واحدة، أو علم واحد، أو ثقافة واحدة على شعوب شمال وشرق سوريا». وفي السياق نفسه، كشف مصدر كردي، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «تأجيل اللقاء جاء نتيجة استمرار الضغوط والتحريض من قبل تركيا على دمشق للتنصّل من اتفاق 10 آذار»، مرجّحاً أن يكون «عدم قبول فرنسا بتواجد وفد تركي بالتزامن مع اللقاء، كما حصل في آخر الجلسات في دمشق، هو ما عطّل الاجتماع، ودفع الأمور نحو التأجيل».
كما رجّح، في الوقت نفسه، أن «يصل عبدي مع وفد يضم القياديّتين الكرديتين إلهام أحمد وفوزة يوسف إلى باريس حيث سيلتقون الرئيس الفرنسي أو وزير خارجيته». وإذ أشاد بـ«الدور الفرنسي الداعم لقسد، والمُقدّر لتضحياتها في مواجهة إرهاب تنظيم داعش»، فهو توقّع «حدوث ضغط إيجابي فرنسي لصالح الكرد، يوازي الضغط التركي لصالح الجانب الحكومي». وأضاف أن «قسد تدعم إشراك ممثّلين عن الدروز والعلويين والمسيحيين في المفاوضات مع دمشق، للتوصّل إلى صيغة تشاركية لإدارة البلاد»، معتبراً أن «الإصرار على إدارة الدولة من جهة واحدة وبهوية واحدة سيعقّد المشهد أكثر».
من جهته، قال مصدر مطّلع على مسار التفاوض مع دمشق، في حديثه إلى «الأخبار»، إن «اللقاء بين الوفد الكردي وممثّلي الحكومة لم يكن مُدرجاً على جدول الأعمال من الأساس، نظراً إلى أن الحكومة تفضّل أن تُعقد مثل هذه الاجتماعات في دمشق لا في الخارج»، مشدّداً على أن «دمشق تعتبر تسليم السلاح خطوة رئيسية وشرطاً مسبقاً لإتمام أي مفاوضات مع «قسد»، نظراً إلى أن هذه الخطوة ستضمن حصر السلاح بيد الدولة فقط».
ورأى المصدر أن «مطالب قسد بالحصول على ضمانات دستورية، وإعادة النظر في الدستور الحالي، غير قابلة للنقاش في هذه المرحلة، وقد يُبحث الأمر لاحقاً ضمن إطار الدستور الدائم»، مضيفاً أن «الفرصة لا تزال قائمة أمام قسد للاندماج ضمن مؤسسات الدولة، بما يثبت النوايا الحسنة تجاه وحدة البلاد واستقرارها».
ان ما ينشر من اخبار ومقالات لا تعبر عن راي الموقع انما عن رأي كاتبها